بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَأَذِّن
فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا
وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ
عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ
وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ
مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ
الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا
الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾الحج
27/28
شرَّع الله الحج تحقيقاً لمنافع ومصالح المسلمين
في وجودهم الفردي والاجتماعي، لما تنضوي عليه هذه
العبادة الجامعة من أبعاد عدة، منها
البعد الروحي والأخلاقي:
فمراسم الحج وشعائره، خصوصاً الإحرام تبعد الإنسان
عن الأمور المادية والامتيازات الظاهرية ومختلف
اللذائذ، مما يدخل الإنسان إلى عالم النور والصفاء
الروحي، فيستريح من الإمتيازات الموهومة.
ومن جانب آخر يوثق الحج علاقة الإنسان الروحية مع
خالقه، فينقطع عن ماضيه المظلم ويتصل بالمستقبل
المشرق.
فالحاج الذي يؤدي مناسكه تامة صحيحة " يخرج من
ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه" كما ورد عن الإمام
الصادق عليه السلام.
البعد السياسي:
فالحج عامل مؤثر في وحدة صفوف المسلمين، وإلغاد
الفوارق القومية والجغرافية، فيتَّحدون ويعيشون
همومهم ويتناقلون أخبارهم، فيكون الحج منطلقاً
لمكامن القوة عند المسلمين، وسبباً مهماً في إنهاء
تسلط الأعداء عليهم، عن أمير المؤمنين عليه السلام:
" الحج تقوية للدين".
يقول الإمام الخميني قدس سره: (إنَّ هذا البيت
المعظَّم وضع للناس، ومن أجل قيام الناس ونهضتهم
الشاملة، وكذلك ليشهدوا منافع لهم، وأي منفعة أعظم
وأسمى من قطع أيدي جبابرة العالم وطغاته وإنهاء
تسلطهم على البلدان العظيمة).
البعد الثقافي:
فالتقاء المسلمين أيام الحج ينتج دوراً فعّالاً في
البناء الثقافي ونشر الهداية فيما بينهم.
عن الإمام الرضا عليه السلام حول تشريع الحج: "
مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار الأئمة إلى كل صقع،
فينتشر الهدى بين الناس".
وينقل هشام بن الحكم عن الإمام الصادق عليه السلام
حول فلسفة الحج والطواف "... فجعل فيه الاجتماع
من الشرق والغرب، ليتعارفوا...، ولتعرف آثار رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعرف أخباره ويذكر
ولا ينسى".
البعد الاقتصادي:
فيمكن للحج أن يستفاد منه في تقوية أسس الإقتصاد
في البلدان الإسلامية، فيتوافقوا على اقتصاد مشترك،
ويوسعوا تبادلهم التجاري، فتعود مواردهم إليهم،
ويتحرروا من تبعيتهم للغير.
عن الإمام الصادق عليه السلام فيما سئل عن كلمة
المنافع، هل هلي منافع الدنيا، أم منافع الآخرة،
فقال عليه السلام: " الكل".
كما ورد عنه عليه السلام " فإذا أحل الرجل من
إحرامه وقضى، فليشتر وليبيع في الموسم".
فالحج عبادة عظيمة إذا استفدنا من كل أبعادها
ستكون مفتاحاً لحل مشكلات ومعضلات المسلمين، عن
الإمام الصادق عليه السلام: " لا يزال الدين
قائماً ما قامت الكعبة".
لكن المدخل للإستفاد من مضامين هذه العبادة هو
أداؤها طبقاً للأحكام الفقهية الصحيحة. التي يجب
علينا تحصيلها، مقدمة لصوغ سلوكنا بما يتواءم معها.
التقليد:
والطريق الأسهل الذي عليه معظم المؤمنين هو
التقليد، إنسجاماً مع السيرة العقلائية التي تقضي
بالرجوع إلى ذوي الاختصاص والخبرة في الميادين
التي نجهلها.
فتشرع بتقليد المرجع الحي الحائز على باقي الشروط
من إيمان واجتهاد وعدالة، فتكون أعمالك مطابقة
لرأيه الفقهي.
وحينما يختلف العلماء المجتهدون في آرائهم- كما هو
الحال عادة- فارجع إلى الأعلم في الشريعة، والأعرف
والأقدر على تطبيق أحكامها في مواردها مع فهم
للحياة وشؤونها بقدر الحاجة.
وبعبارة موجزة يجب على المقلد أن يقلِّد الأعلم من
المجتهدين، كما هو الاحتياط في ذلك ورأي مشهور
الفقهاء فيه.
كيف يعرف الأعلم؟
الجواب: يُعرف بطرق منها: شهادة عدلين من
المجتهدين الأكفاء أو الأفاضل القادرين
على التقويم العلمي، ومنها: كل سبب يؤدّي
إلى يقين المقلِّد بأن فلاناً أعلم، كما لو كان
المقلِّد من أهل العلم والفضل واقتنع بأعلمية فلان،
أو شاع بين علماء الأمة أعلميته فاقتنع بذلك يقيناً.
من هو الأعلم في هذا الوقت؟
أنعم الله تعالى على الأمة الإسلامية بمجتهدين
أفاضل كثر، لديهم اللياقات العلمية الهامة، وقد
قامت شهادات- من مجتهدين عدول معروفين- بأعلمية
سماحة المرجع الديني قائد الأمة الإسلامية آية
الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي قدس سره
ونعرض من بين هذه الشهادات ما يلي:
شهادة آية الله السيد جعفر الحسيني الكريمي1 بالأعلمية
بسم الله الرحمن الرحيم
إني طيلة سنين أجالس السيد القائد واشترك في جلسة
شورى الإفتاء بمحضر من جنابه، مع حضور عدة من
الفقهاء العظام المعروفين (دامت إفاضاتهم) فرأيت
السيد القائد قدس سره أدقّ نظراً وأسرع انتقالاً
وأقوى استنباطاً للفروع من الأصول من غيره من
المراجع العظام (حفظهم الله تعالى). فإن كان ذلك
هو الميزان في الأعلمية كما هو كذلك.
فهذا الميزان قد لمسته من مباحثات السيد القائد
قدس سره، ومن هنا أعترف وأشهد بأنه أعلم أقرانه
المعاصرين نفعنا الله تعالى وإياكم بزعامته
وإفاضاته وإرشاداته.
شهادة آية الله الشيخ أحمد جنتي2 بالأعلمية
باسمه تعالى
ملاك الأعلمية عندي أن يكون الفقيه أقدر على
استنباط الأحكام من مصادرها وأدلتها الشرعية مع
ملاحظة الزمان والمكان والمقتضيات. وأنا لا أعرف
في المرشحين للمرجعية اليوم أقوى وأقدر من السيد
القائد قدس سره.
شهادة آية الله الشيخ محمد يزدي3 بالأعلمية
بسم الله الرحمن الرحيم
في ظل الخلاف الحاصل بين الفقهاء العظام في معنى
الأعلمية وكيفية إحرازها، فإني أعتقد أن آية الله
الخامنئي قدس سره هو الأعلم والأقوى من حيث
المجموع بالنسبة إلى العلوم والأمور اللازمة في
التقليد والقيام بأعباء مرجعية الأمة الإسلامية.
وعليه يمكنكم تقليده في كل المسائل التي هي مورد
الحاجة.
شهادة آية الله الشيخ محمد علي التسخيري4 بالأعلمية
بسم الله الرحمن الرحيم
طلب مني بعض إخواني المؤمنين أن أبدي رأيي بصراحة
في مسألة تقليد سيدي الكريم وقائد المؤمنين وولي
أمر المسلمين سماحة آية الله العظمى السيد علي
الخامنئي قدس سره على رؤوس المسلمين. وإني بعد
معرفتي بعلمه الغزير ورأيه السديد في مختلف مجالات
الشريعة الإسلامية، ونظراته في الفرد والمجتمع،
أشهد بأعلميته وبذلك يتعين عندي تقليده حفظه الله
تعالى والله على هذا شهيد.
الحاج الكريم
ونحن نضع بين يديك هذا الكتاب "كيف تحج؟" طبقاً
لفتاوى آية الله العظمى الإمام الخامنئي قدس سره
بأسلوب جديد سهل التناول، وقد اعتمدنا فيه العبارة
العلمية الميسَّرة والصور التوضيحية.
راجين من المولى العزيز القدير حُسَن القبول.
والحمد لله رب
العالمين جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
|