المحاضرة الثانية: آداب وأعمال المسجد الحرام

قال تعالى:
﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ

الهدف:

بيان مكانة مكّة، وبعض الأماكن المقدّسة فيها، وفضيلة الأعمال التي تستحبّ فيها، والثواب المترتّب عليها.

تصدير الموضوع:

قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ1.


19


 محاور الموضوع:

الأعمال المستحبّة في مكّة

1- الإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن: فعن الإمام السجّاد عليه السلام: "إنَّ تسبيحةَ بِمكّة يعدل خراج العراقين ينفق في سبيل الله"
2.

2- ختم القرآن: فقد ورد عن الإمام السجّاد عليه السلام: "من خَتَمَ القرآنَ بمكّة، لم يَمُتْ حتّى يَرَى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم ويرى مَنْزِلُه في الجنّة"
3.

3- الشرب من ماء زمزم: فقد ورد في رواية الشلبيّ: ثمّ قال عليه السلام له: "أَشْرَفَتَ على بِئْرِ زمزمَ، وشربْتَ من مائِها؟ قال: نعم، قال: نَوَيْتَ أنّك أَشْرَفْتَ على الطّاعَةِ، وغَضَضْتَ طَرْفَك عن المعصِيةِ؟ قالَ: لا، قال عليه السلام: "فَما أشرفْتَ عَلَيها، ولا شَرِبْتَ من مائِها"
4.
ورُوي أنّه من ارتوى من ماء زمزم أحدث الله له به شفاء، وصرف عنه داء، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستهدي ماء زمزم وهو بالمدينة5.

4- الإكثار من النظر الى الكعبة: فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"أنّ النظرّ إلى الكعبةِ حبّاً لَهَا يهدِمُ الخطايا هدماً"
6.


20


وعن الإمام الصادق عليه السلام: "من أيسرَ ما ينظر إلى الكعبة أن يعطيه اللهُ بكلِّ نظرةٍ حسنةً، ومحَا عنه سيّئةً، ورفعَ لهُ درجةً"7.

5- الطواف حول الكعبة ثلاثمائة وخمس وستين مرّة، فإن لم يقدر فعشر كلّ يوم، فإن لم يقدر فإثنين وخمسين طوافا مدة بقائه في مكّة.

6- أن يدعو عند دخوله الحرم بقوله: "اللَّهمَ إنّك قلْتَ من دخَلَه كانَ آمناً، فآمنيّ مِنْ عذابِ النار".
وعند خروجه يستحبّ أن يكبّر ثلاثاً، ويقول: "اللَّهمّ لا تُجْهِدْ بلاءَنا، ربَّنا ولا تُشَمِّت بنا أعداءنا، فإنّك أنتَ الضارُّ النافعُ"
8.

7- يستحبّ أن يصلّي في كلّ زاوية من زوايا البيت المقدّس ففي الحديث: "الساجدُ بمكّة كالمتشحطِّ بدمِهِ في سبيلِ اللهِ"
9.

أماكن مباركة في مكّة:

في مكّة ستّ بقاع مباركة، على المرء أن لا يغفل عنها:

1- الحجر الأسود: ويستحبّ التبرّك به، وتقبيله، لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أنّ الحجرَ الأسود يمين اللهَ في أرضِهِ، يصافحُ بها خلْقَهُ، كما يصافِحُ الرجلُ أخاهُ"
10.


21



2- الحَطيم: وهو من البقاع الّتي يستحبّ الدعاء والصلاة فيها، وقد سُئِل الإمام الصادق عليه السلام عن الحطيم فقال عليه السلام: هوَ ما بينَ الحجرِ الأسود وبابِ البيتِ، قال اسحقُ بن عُمّارٍ: قلْتُ له: لِمَ سمِّيَ الحطيمُ؟ فقال عليه السلام: "لأنَّ النّاس يُحَطِّمُ بعضُهُم بعضاً"
11.

3- مقام إبراهيم: وقد ورد استحباب الصلاة فيه بصريح القرآن، قال تعالى:
﴿وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلّى12.
سأل داود الحضرميّ أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة بمكّة: "في أيّ موضعٍ أفضل؟ فقال عليه السلام: عندَ مقامِ إبراهيمَ الأوّلِ، فإنّه مقامُ إبراهيمَ واسماعيلَ ومحمّد" صلى الله عليه وآله وسلم
13 .

4- حِجْرُ إسماعيل: وهو جدار صغير على شكل قوس بين الركنين الشامييَّن، وأفضل مكان فيه مقابل ميزاب الرحمة، وهو من الأماكن التي يستحبّ المكوث فيها طويلاً وأنّه موطن الدعاء، وأنّه جزء من البيت، ولذا لو دخله أحد أثناء الطواف لم يُجَزِّئه.

5- الركن اليمانيّ: ويسمّى ركن الولاية، وهو الذي انشقّ لفاطمة بنت أسد، فدخلته لمّا وضعت مولودها أمير المؤمنين عليه السلام.


22


عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنّه بابُنا الّذي نَدْخُلُ مِنْهُ الجنّة"14.

6- المتعوَّذ: وهو بين الركن اليمانيّ، والباب الثاني المغلقَ من الكعبة، ويسمّى الملتزم أيضاً، وهو المكان الذي وقف فيه آدم واعترف بذنبه، ويستحبّ إتيانه بعد الفراغ من الطواف السابع.

وروي أن الإمام الصادق عليه السلام كان إذا انتهى إلى الملتزم قال لمواليه: "أَميطُوا عَنِّي حتَّى أُقِرَّ لِرَبّي بذنوبي في هذا المكانِ، فإنَّ هذا مكانٌ لَمْ يقرَّ عبدٌ لربِّه بذنوبِهِ، ثُمَّ استغفَر اللهَ إلّا غفرَ لَهُ"
15.


23


هوامش

1- آل عمران، 96.
2- المحاسن، ج1، ص68-69.
3- المحاسن، ج1، ص68-69.
4- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، ص262.
5- منتهى المطلب، العلّامة الحلّي، ج2، ص645.
6- المحاسن، ج1، ص68-69.
7- المحاسن، ج1، ص69.
8- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة،ص83.
9- المحاسن، ج1، ص68-69.
10- المحاسن، ج1، ص65.
11- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة،ص108.
12- البقرة، 125.
13- الوسائل، ج5، ص275.
14- الوسائل، ج13، ص339.
15- الوسائل، ج13، ص346.