المحاضرة السادسة: الإحرام والتلبية

عن الإمام الصادق عليه السلام:
"...وَأَحْرِم من كلِّ شيءٍ يَمنَعُكَ عن ذِكرِ الله ويَحْجِبُكَ عن طاعَتِهِ ولبِّ بِمعنى إجابَةٍ صافيةٍ زاكيةٍ للهِ عزّ وجلّ في دعوتك له متمسّكاً بعُروتِهِ الوثقى".

 الهدف:

التنبيه الى ضرورة مراقبة النفس ومحاسبتها، وأنّ الغفلة عنها تخرجها عن مسار الطاعة الى الإنحراف والضياع.

 تصدير الموضوع:

ورد في دعاء أمير المؤمنين الذي يُقرأ في المناجاة الشعبانية: "اللَّهُمَّ وَاجْعَلْني مِمَّنْ نادَيْتَهُ فَأَجابَكَ، وَلاحَظْتَهُ فَصَعِقَ لِجَلالِكَ"
1.


37


  محاور الموضوع:

لعلّ أهمّ دلالات الإحرام أن يستحضِرَ الإنسان نفسه على أنّه في يوم الحشر، وأنّه خرج من قبره مؤتزِراً كَفَنَهُ، وأنّه لن ينفعه ماله ولا ولده إلّا أن يأتِيَ اللهَ بعملٍ صالحٍ وقلبٍ سليمٍ، وأنّ التلبية، هي استجابة المخلوق لخالقه في كافَّة أموره وشؤونه.

حضور القلب عند التلبية

روى ابن أبي عامر أنّ الإمام الصادق عليه السلام لمّا استوت به راحلته عند الإحرام، كان كلّما همّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، وكاد أن يَخِرّ عن راحلته، فقلت: قل يا بن رسول الله ولا بدّ لك أن تقول، فقال عليه السلام: "يا بْنَ أّبي عامِرٍ كَيْفَ أَجْسُرُ أَنْ أَقولَ "لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ" وَأَخْشى أَنْ يَقولَ عَزَّ وَجَلَّ لي لا لَبَّيْكَ وَلا سَعْدَيْكَ"
2.

كان الإمام السجاد عليه السلام: "إِذا أَرادَ أَنْ يُلَبّي اصفرَّ لونُه وانتفضَ ووقعَت عليهِ الرّعدَةُ، فَإِذا لَبّى غُشِيَ عَلَيْهِ وَسَقَطَ عَنْ راحِلَتِه"ِ.
3

معنى التلبية

التلبية هي الإستجابة لنداء الله والعزم على الالتزام بما أمرنا به من أوامر ونواهي، وهي أحد أبرز المناسك التي تجسّد التوحيد.والتلبية الواجبة هي: "لبّيك اللَّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك


38


لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبّيك". وهذه التلبيات الأربع تجسّد الاستجابة العمليّة، وتمام الانقطاع إلى الله.

ضرورة الاستجابة

لقد أكّد الله تعالى على ضرورة الاستجابة الكاملة لتعاليم الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك في قوله جلّ وعلا:
﴿َمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا4، وأن عدم الإستجابة ليست سوى اتباع للهوى، قال تعالى: ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ5.

بركات الاستجابة لله وللرّسول

1- حياة النفوس:
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ 6.
2- غفران الذنوب:
قال تعالى: ﴿يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ7.
3- الحسنى والنعيم:
قال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى8.


39


4- الأجر العظيم: قال تعالى: ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ9.
5- البصيرة والفهم:
قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ10.
6- الوعي والرشد:
قال تعالى: ﴿فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ11.


40


هوامش

1- إقبال الأعمال، السيّد ابن طاووس، ج3، ص298.
2- الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، الريشهري، ص182.
3- شرح إحقاق الحقّ، السيّد المرعشي، ج28، ص39.
4- الحشر: 7.
5- القصص، 50.
6- الأنفال، 24.
7- الأحقاف، 31.
8- الرعد، 18.
9- آل عمران، 172.
10- الأنعام، 36.
11- البقرة، 186.