آداب السعى والمشعر
السعي بين الصفا و المروة فى فناء البيت، يضاهي تردد العبد بفتاء دار الملك، جائيا
و ذاهبا مرة بعد اخرى، اظهارا للخلوص في الخدمة، و رجاء للملاحظة بعين الرحمة،
كالذى دخل على الملك و خرج، و هو لا يدري ما الذي يقضي به الملك في حقه من قبول
اورد، فلا يزال يتردد على فناء الدار مرة بعد اخرى، يرجوا ان يرحمه في الثانية ان
لم يرحمه في الاولى، و ليتذكر عند تردده التردد بين الكفتين، ناظرا الى الرجحان و
النقصان، مرددا بين العذاب و الغفران
المشعر
و اذا فاض من عرفات و دخل المشعر، فليتذكر عند دخوله فيه: ان الله سبحانه قد اذن له
في دخول حرمه بعد ان كان خارجا عنه، اذ المشعر من جملة الحرم، و عرفات خارجة عنه،
فليتفاءل من دخول الحرم، بعد خروجه عنه، بان الله سبحانه قربه اليه و كساه خلع
القبول، و اجاره و آمنه من العذاب و البعد، و جعله من اهل الجنة و القرب.
ما ينبغى عند الرمي و الذبح
و اذا ورد منى، و توجه الى رمى الجمار، فليقصد به الانقياد و الامتثال، اظهارا للرق
و العبودية، و تشبيها بالخليل الجليل عليه السلام ، حيث عرض له ابليس اللعين في هذا
الموضع ليفسد حجه، فامره الله تعالى ان يرميه بالحجارة طردا له و قطعا لاصله. و
ينبغى ان يقصد انه يرمى الحصا الى وجه الشيطان و يقصم به ظهره، و يرغم به انفه، اذ
امتثال امر الله تعالى تعظيما له يقصم ظهر اللعين و يرغم انفه. و اذا ذبح الهدي،
فليستحضر ان الذبح اشارة الى انه بسبب الحج قد غلب على الشيطان و النفس الامارة و
قتلهما، و بذلك استحق الرحمة و الغفران، و لذا ورد: انه يعتق بكل جزء من الهدي جزء
منه النار. فليجتهد في التوبة و الرجوع عما كان عليه قبل ذلك من الاعمال القبيحة،
حتى يصير حاله احسن من سابقه، ليصدق عليه اذلاله الشيطان و النفس الامارة في
الجملة، و لا يكون في عمله من الكاذبين.
و لذلك ورد:
ان علامة قبول الحج: ان يصير حاله بعد الحج احسن مما كان عليه قبله. و في الخبر: ان
علامة قبول الحج ترك ما كان عليه من المعاصى، و ان يستبدل باخوانه البطالين اخوانا
صالحين، و بمجالس اللهو و الغفلة مجالس الذكر و اليقظة1.
1-جامع السعادات / العلامة النراقي.
|