آداب الوقوف بعرفات
و اما الوقوف بعرفات، فليتذكر بما يرى من ازدحام الخلق، و ارتفاع الاصوات، و
اختلاف اللغات، و اتباع الفرق ائمتهم في التردد على المشاعر:
عرصات يوم القيامة و اهوالها، و انتشار الخلائق فيها حيارى، و اجتماع الامم مع
الانبياء و الائمة، و اقتفاء كل امة نبيهم، و طمعهم في شفاعته لهم، و تحيرهم في ذلك
الصعيد الواحد بين الرد و القبول. و اذا تذكر ذلك، فليتضرع الى الله تعالى و يبتهل
اليه، ليقبل حجة و يحشره في زمرة الفائزين المرحومين.
و ينبغي ان يحقق رجاءه، اذ اليوم شريف و الموقف عظيم، و النفوس من اقطار الارض فيه
مجتمعة، و القلوب الى الله سبحانه منقطعة، و الهمم على الدعاء و السؤال متظاهرة، و
بواطن العباد على التضرع و الابتهال متعاونة، و ايديهم الى حضرة الربوبية مرتفعة، و
ابصارهم الى باب فيضه شاخصة، و اعناقهم الى عظيم لطفه و بره ممتدة، و لا يمكن ان
يخلو الموقف عن الاخيار و الصالحين، و. رباب القلوب و المتقين، بل الظاهر حضور
طبقات الابدال و اوتاد الارض فيه، فلا تستبعدون ان تصل الرحمة من ذي الجلال بواسطة
القلوب العزيزة و النفوس القادسة الشريفة الى كافة الخليقة، و لا تظنن انه يخيب
آمال الجميع، و يضيع سعيهم، و لا يرحم غربتهم و انقطاعهم عن الاهل و الاوطان، فان
بحر الرحمة اوسع من ان يضن به في مثل هذه الحالة، و لذا ورد: انه من اعظم الذنوب ان
يحضر عرفات و يظن ان الله 1.
1-جامع السعادات /
العلامة النراقي.
|