ثوابُ الوُقوفِ بِمُزدَلِفَةَ
رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم - وهُوَ بِمِنى -: لَو يَعلَمُ أهلُ الجَمعِ
بِمَن حَلّوا أو بِمَن نَزَلوا لَاستَبشَروا بِالفَضلِ مِن رَبّهِم بَعدَ
المَغفِرَةِ.
بِلالُ بنُ رَباح: إنّ النّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم قالَ لَهُ، غَداةَ جَمعٍ:
يا بِلالُ! أسكِتِ النّاسَ، أو أنصِتِ النّاسَ، ثُمّ قالَ: إنّ اللّهَ تَطَوّلَ
عَلَيكُم في جَمعِهِ هذا، فَوَهَبَ مُسيئَكُم لِمُحسِنِكُم. وأعطى مُحسِنَكُم ما
سَأَلَ. اِدفَعوا بِاسمِ اللّهِ.
أبو حَمزَةَ الثّمالِيّ: قالَ رَجُلٌ لِعَلِيّ بنِ الحُسَينِعليه السلام: تَرَكتَ
الجِهادَ وخُشونَتَهُ، ولَزِمتَ الحَجّ ولينَهُ!، وكانَ مُتّكِئًا فَجَلَسَ، وقالَ:
وَيحَكَ! أما بَلَغَكَ ما قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه وآله وسلم في حَجّةِ
الوَداعِ؟! إنّهُ لَمّا وَقَفَ بِعَرَفَةَ، وهَمّتِ الشّمسُ أن تَغيبَ قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: يا بِلالُ، قُل لِلنّاسِ فَليَنصِتوا. فَلَمّا
نَصَتوا قالَ رَسولُ اللّهِصلى الله عليه وآله وسلم: إنّ رَبّكُم تَطَوّلَ عَلَيكُم
في هذَا اليَومِ فَغَفَرَ لِمُحسِنِكُم وشَفّعَ مُحسِنَكُم في مُسيئِكُم، فَأَفيضوا
مَغفورًا لَكُم.
وزادَ غَيرُ الثّمالِيّ أنّهُ قالَ: إلّا أهلَ التّبِعاتِ - فَإِنّ اللّهَ عَدلٌ
يَأخُذُ لِلضّعيفِ مِنَ القَوِيّ- فَلَمّا كانَت لَيلَةُ جَمعٍ لَم يَزَل يُناجي
رَبّهُ ويَسأَلُهُ لِأَهلِ التّبِعاتِ، فَلَمّا وَقَفَ بِجَمعٍ قالَ لِبِلالٍ: قُل
لِلنّاسِ فَليَنصِتوا. فَلَمّا نَصَتوا قالَ: إنّ رَبّكُم تَطَوّلَ عَلَيكُم في
هذَا اليَومِ، فَغَفَرَ لِمُحسِنِكُم وشَفّعَ مُحسِنَكُم في مُسيئِكُم، فَأَفيضوا
مَغفورًا لَكُم. وضَمِنَ لِأَهلِ التّبِعاتِ مِن عِندِهِ الرّضا.
أدَبُ الوُقوفِ
رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: المُزدَلِفَةُ كُلّها مَوقِفٌ وارتَفِعوا عَن
مُحَسّرٍ.
عنه صلى الله عليه وآله وسلم: مَن أحيَا اللّيالِيَ الأَربَعَ وَجَبَت لَهُ
الجَنّةُ: لَيلَةَ التّروِيَةِ، ولَيلَةَ عَرَفَةَ، ولَيلَةَ النّحرِ، ولَيلَةَ
الفِطرِ.
قيلَ لِأَميرِالمُؤمِنينَ عليه السلام: فَالمَشعَرُالحَرامُ، لِمَ صارَ فِي
الحَرَمِ؟ قالَ: لِأَنّهُ لَمّا أذِنَ لَهُم بِالدّخولِ وَقَفَهُم بِالحِجابِ
الثّاني، فَلَمّا طالَ تَضَرّعُهُم بِها أذِنَ لَهُم لِتَقريبِ قُربانِهِم، فَلَمّا
قَضَوا تَفَثَهُم تَطَهّروا مِنَ الذّنوبِ الّتي كانَت حِجابًا بَينَهُم وبَينَهُ
أذِنَ لَهُم بِالزّيارَةِ عَلَى الطّهارَةِ.
الإمام الصادق عليه السلام: لا تُصَلّ المَغرِبَ حَتّى تَأتِيَ جَمعًا فَتُصَلّيَ
بِهَا المَغرِبَ والعِشاءَ الآخِرَةَ بِأَذانٍ واحِدٍ وإقامَتَينِ، وانزِل بِبَطنِ
الوادي عَن يَمينِ الطّريقِ قَريبًا مِنَ المَشعَرِ، ويُستَحَبّ لِلصّرورَةِ أن
يَقِفَ عَلَى المَشعَرِ الحَرامِ ويَطَأَهُ بِرِجلِهِ، ولا يُجاوِزَ الحِياضَ
لَيلَةَ المُزدَلِفَةِ، ويَقولُ:
للّهُمّ هذِهِ جَمعٌ، اللّهُمّ إنّي أسأَلُكَ أن تَجمَعَ لي فيها جَوامِعَ الخَيرِ،
اللّهُمّ لا تُؤيِسني مِنَ الخَيرِ الّذي سَأَلتُكَ أن تَجمَعَهُ لي في قَلبي،
وأطلُبُ إلَيكَ أن تُعَرّفَني ما عَرّفتَ أولِياءَكَ في مَنزِلي هذا، وأن تَقِيَني
جَوامِعَ الشّرّ".
وإنِ استَطَعتَ أن تُحيِيَ تِلكَ اللّيلَةَ فَافعَل؛ فَإِنّهُ بَلَغَنا أنّ أبوابَ
السّماءِ لا تُغلَقُ تِلكَ اللّيلَةَ لِأَصواتِ المُؤمِنينَ، لَهُم دَوِيّ كَدَوِيّ
النّحلِ، يَقولُ اللّهُ جَلّ ثَناؤُهُ: أنَا رَبّكُم وأنتُم عِبادي أدّيتُم حَقّي،
وحَقّ عَلَيّ أن أستَجيبَ لَكُم، فَيَحُطّ اللّهُ تِلكَ اللّيلَةَ عَمّن أرادَ أن
يَحُطّ عَنهُ ذُنوبَهُ، ويَغفِرَ لِمَن أرادَ أن يَغفِرَ لَهُ.
عنه عليه السلام: أصبِح عَلى طُهرٍ بَعدَما تُصَلّي الفَجرَ، فَقِف إن شِئتَ
قَريبًا مِنَ الجَبَلِ، وإن شِئتَ حَيثُ شِئتَ، فَإِذا وَقَفتَ فَاحمَدِ اللّهَ
عَزّوجَلّ وأثنِ عَلَيهِ واذكُر مِن آلائِهِ وبَلائِهِ ما قَدَرتَ عَلَيهِ، وصَلّ
عَلَى النّبِيّصلى الله عليه وآله وسلم، ثُمّ ليَكُن مِن قَولِكَ:
"اللّهُمّ رَبّ المَشعَرِ الحَرامِ، فُكّ رَقَبَتي مِنَ النّارِ، وأوسِع عَلَيّ مِن
رِزقِكَ الحَلالِ، وادرَأ عَنّي شَرّ فَسَقَةِ الجِنّ والإِنسِ. اللّهُمّ أنتَ
خَيرُ مَطلوبٍ إلَيهِ وخَيرُ مَدعُوّ وخَيرُ مَسؤولٍ ، ولِكُلّ وافِدٍ جائِزَةٌ،
فَاجعَل جائِزَتي في مَوطِني هذا أن تُقيلَني عَثرَتي، وتَقبَلَ مَعذِرَتي، وأن
تَجاوَزَ عَن خَطيئَتي، ثُمّ اجعَلِ التّقوى مِنَ الدّنيا زادي".
ثُمّ أفِض حَيثُ يُشرِقُ لَكَ ثَبيرٌ وتَرَى الإِبِلُ مَواضِعَ أخفافِها.
عنه عليه السلام: خُذ حَصَى الجِمارِ مِن جَمعٍ، وإن أخَذتَهُ مِن رَحلِكَ بِمِنى
أجزَأَكَ.
د - النّزولُ بِمِنى
الإِفاضَةُ مِنَ المَشعَرِالحَرامِ
الإمام الصادق عليه السلام: إنّ رَسولَ اللّه ِصلى الله عليه وآله وسلم
لَمّا أفاضَ مِن مُزدَلِفَةَ جَعَلَ يَسيرُ العَنَقَ ، وهُوَ يَقولُ: أيّهَا
النّاسُ، السّكينَةَ السّكينَةَ، حَتّى وَقَفَ عَلى بَطنِ مُحَسّرٍ.
الفَضلُ بنُ عَبّاس: شَهِدتُ الإِفاضَتَينِ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه وآله
وسلم، فَأَفاضَ وعَلَيهِ السّكينَةُ وهُوَ كافّ بَعيرَهُ.
مُعاوِيَةُ بنُ عَمّارٍ عَن أبي عَبدِاللّه ِعليه السلام: ثُمّ أفِض حينَ يُشرِقُ
لَكَ ثَبيرٌ، وتَرَى الإِبِلُ مَواضِعَ أخفافِها.
قالَ أبو عَبدِاللّهِ عليه السلام: كانَ أهلُ الجاهِلِيّةِ يَقولونَ: أشرِق ثَبيرُ
- يَعنونَ الشّمسَ - كَيما نُغيرَ. وإنّما أفاضَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه وآله
وسلم خِلافَ أهلِ الجاهِلِيّةِ، كانوا يُفيضونَ بِإيجافِ الخَيلِ وإيضاعِ الإِبِلِ،
فَأَفاضَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه وآله وسلم خِلافَ ذلِكَ بِالسّكينَةِ
والوَقارِ والدّعَةِ، فَأَفِض بِذِكرِ اللّهِ والاِستِغفارِ، وحَرّك بِهِ لِسانَكَ،
فَإِذا مَرَرتَ بِوادي مُحَسّرٍ - وهُوَ وادٍ عَظيمٌ بَينَ جَمعٍ ومِنى ، وهُوَ إلى
مِنى أقرَبُ- فَاسعَ فيهِ حَتّى تُجاوِزَهُ، فَإِنّ رَسولَ اللّهِصلى الله عليه
وآله وسلم حَرّكَ ناقَتَهُ، وهُوَ يَقولُ: "اللّهُمّ سَلّم عَهدي، واقبَل
تَوبَتي، وأجِب دَعوَتي، واخلُفني فيمَن تَرَكتُ بَعدي".
صَفِيّةُ بِنتُ شَيبَةَ عَنِ امرَأَةٍ: رَأَيتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه وآله
وسلم يَسعى في بَطنِ المَسيلِ ويَقولُ: لا يُقطَعُ الوادي إلّا شَدّا1.
1-الحج والعمرة في
الكتاب والسنة / العلامة محمد الريشهري..
|