رجوع الى القائمة حجّ الأنبياء والائمة  

دعاء الحجة عليه السلام عند البيت

حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكّل رضي الله عنه قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال: سألت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه فقلت له: أرأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال: نعم وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: أَللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي.

حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكّل رضي الله عنه قال: حدّثنا عبد الله بن جعفر الحميريّ قال: سمعت محمد بن عثمان العمريّ رضي الله عنه يقول: رأيت صلوات الله عليه متعلّقاً بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول: اَللَّهُمَّ انْتَقِمْ لِي مِنْ أَعْدَائِي.

حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيّ قال: حدّثنا أبو القاسم جعفر بن أحمد العلويّ الرقيّ العريضيّ قال: حدّثني أبو الحسن علي بن أحمد العقيقيّ قال: حدّثني أبو نعيم الأنصاري الزيديّ قال: كنت بمكّة عند المستجار وجماعة من المقصّرة وفيهم المحموديّ وعلاّن الكليني وأبو الهثيم الدّيناريّ وأبو جعفر الأحول الهمداني، وكانوا زهاء ثلاثين رجلا، ولم يكن منهم مخلص علمته غير محمّد بن القاسم العلويّ العقيقيّ، فبينا نحن كذلك في اليوم السادس من ذي الحجّة سنة ثلاث وتسعين ومائتين من الهجرة إذ خرج علينا شابّ من الطواف، عليه إزاران محرم (بهما)، وفي يده نعلان فلمّا رأيناه قمنا جميعاً هيبةً له، فلم يبق منّا أحد الاّ قام وسلّم عليه، ثمّ قعد والتفت يميناً وشمالا، ثمّ قال: أتدرون ما كان أبو عبد الله عليه السلام يقول في دعاء الإلحاح؟

قلنا: وما كان يقول؟ قال: كان يقول: اَللَّهُمَّ اِنَّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي بِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ، وَبِهِ تَقُومُ الاَْرْضُ، وَبِهِ تُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَبِهِ تَجْمَعُ بَيْنَ المُتَفَرِّقِ، وبَهِ تُفَرِّقَ بَيْنَ الُمجْتَمَعِ، وَبِهِ أَحْصَيْتَ عَدَدَ الرِّمَالِ وَزِنَةِ الْجِبَالِ وَكَيْلَ الْبِحَارِ، أَنْ تُصَلِّي عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَأَنْ تَجْعَلَ لِي مِنْ أَمْري فَرَجاً وَمَخْرَجاً.

ثمّ نهض فدخل الطواف، فقمنا لقيامه حين انصرف، وأُنسينا أن نقول له: من هو؟ فلمّا كان من الغد في ذلك الوقت خرج علينا من الطواف، فقمنا كقيامنا الأوّل بالأمس، ثمّ جلس في مجلسه متوسّطاً، ثمّ نظر يميناً وشمالا قال: أتدرون ما كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول بعد صلاة الفريضة؟ قلنا: وما كان يقول؟ قال: كان يقول: اَللَّهُمَّ اِلَيْكَ رُفِعَتِ الاَْصْوَاتُ ﴿وَدُعِيَتِ الدَّعَوَاتُ وَلَكَ عَنَتِ الْوُجُوهُ، وَلَكَ خَضَعَتِ الرِّقَابُ، وَاِلَيْكَ التَّحَاكُمُ فِي الاَْعْمَالِ، يَا خَيْرَ مَسْؤول وَخَيْرَ مَنْ أَعْطَى، يَا صَادِقَ يَا بَارِئ، يَا مَنْ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، يَا مَنْ أَمَرَ بِالدُّعَاءِ وَتَكَفَّلَ بِالاِْجَابَةِ، يَا مَنْ قَالَ: اُدعُونِي اَسْتَجِبْ لَكُمْ يَا مَنْ قَالَ: ﴿وَاِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَاِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ اِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشِدُونَ يَا مَنْ قَالَ: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً اِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

ثمّ نظر يميناً وشمالا بعد هذا الدّعاء فقال: أتدرون ما كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول في سجدة الشكر؟ قلنا: وما كان يقول؟ قال: كان يقول: يَا مَنْ لاَ يَزِيدَهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ اِلاَّ جُوداً وَكَرَماً، يَا مَنْ لَهُ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ، يَا مَنْ لَهُ خَزَائِنُ مَا دَقَّ وَجَلَّ، لاَ تَمْنَعُكَ اِسَاءَتِي مِنْ اِحْسَانِكَ اِلَيَّ، اِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَفْعَلَ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْجُودِ وَالْكَرَمِ وَالْعَفْوِ، يَا رَبَّاهُ، يَا اللهُ افْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، فَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى الْعُقُوبَةِ وَقَدْ اِسْتَحْقَقْتُهَا، لاَ حُجَّةَ لِي وَلاَ عُذْرَ عِنْدَكَ، أَبْوَءُ اِلَيْكَ بِذُنُوبِي كُلِّهَا، وَأَعْتَرِفُ بِهَا كَيْ تَعْفُوَ عَنِّي، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهَا مِنِّي، بُؤْتُ اِلَيْكَ بِكُلِّ ذَنْب أَذْنَبْتُهُ، وَبِكُلِّ خَطِيئَة أَخْطَأْتُهَا، وَبِكُلِّ سَيِّئَة عَمِلْتُهَا، يَا رَبِّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَم، اِنَّكَ أَنْتَ الاَْعَزُّ الاَْكْرَمُ.

وقام فدخل الطّواف فقمنا لقيامه وعاد من غد ذلك الوقت فقمنا لاستقباله كفعلنا فيما مضى فجلس متوسّطاً ونظر يميناً وشمالا فقال: كان عليّ بن الحسين سيّد العابدين عليه السلام يقول في سجوده في هذا الموضع - وأشار بيده إلى الحجر نحو الميزاب: عَبِيدُكَ بِفِنَائِكَ، مِسْكِينُكَ بِبَابِكَ، أَسْأَلُكَ مَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ سِوَاكَ.

ثمّ نظر يميناً وشمالا ونظر إلى محمّد بن القاسم العلويّ فقال: يا محمد بن قاسم أنت على خير إن شاء الله، وقام فدخل الطواف، فما بقي أحد منّا الاّ وقد تعلّم ما ذكر من الدّعاء و ا نسينا أن نتذاكر أمره الاّ في آخر يوم.

فقال لنا المحموديّ: يا قوم أتعرفون هذا؟ قلنا: لا، قال: هذا والله صاحب الزّمان عليه السلام فقلنا: وكيف ذاك يا أبا عليّ؟ فذكر أنّه مكث يدعو ربّه عزَّ وجلَّ ويسأله أن يريه صاحب الأمر سبع سنين قال: فبينا أنا يوماً في عشيّة عرفة فاذا بهذا الرجل بعينه فدعا بدعاء وعيته فسأله ممّن هو؟ فقال: من النّاس، فقلت: من أيّ الناس من عربها أو مواليها؟ فقال: من عربها، فقلت: من أيّ عربها؟ فقال: من أشرفها وأشمخها، فقلت: ومن هم؟ فقال: بنو هاشم، فقلت: من أيّ بني هاشم؟ فقال: من أعلاها ذروة وأسناها رفعة، فقلت: وممّن هم؟ فقال: ممّن فلق الهام، وأطعم الطعام، وصلّى باللّيل والنّاس نيام، فقلت: انّه علويّ فأحببته على العلويّة.

ثمّ افتقدته من بين يديّ، فلم أدر كيف مضى في السماء أم في الأرض، فسألت القوم الذين كانوا حوله أتعرفون هذا العلويّ؟ فقالوا: نعم يحجّ معنا كلّ سنة ماشياً، فقلت: سبحان الله والله ما أرى به أثر مشي، ثمّ انصرفت إلى المزدلفة كئيباً حزيناً على فراقه، وبتُّ في ليلتي تلك فاذا أنا برسول الله صلى الله عليه واله فقال: يا محمد رأيت طلبتك؟ فقلت: ومن ذاك يا سيّدي؟ فقال: الّذي رأيته في عشيّتك فهو صاحب زمانكم.
فلمّا سمعنا ذلك منه عاتبناه على ألاّ يكون أعلمنا ذلك، فذكر أنّه كان ناسياً أمره إلى وقت ما حدّثنا1.


1-حج الأنبياء والأئمة عليه السلام / معاونية شؤون التعليم والبحوث الإسلامية في الحجّ.