رجوع الى القائمة حجّ الأنبياء والائمة  

حج الامام الباقر عليه السلام

عن أفلح مولى أبي جعفر عليه السلام قال: خرجت مع محمّد بن عليّ حاجّاً، فلمّا دخل المسجد نظر إلى البيت فبكى حتّى علا صوته، فقلت: بأبي أنت وأمّي إنّ الناس ينظرون اليك فلو رفعت بصوتك قليلا، فقال لي: ويحك يا أفلح ولم لا أبكي؟

لعلّ الله تعالى أن ينظر إليّ منه برحمة فأفوز بها عنده غداً، قال: ثمّ طاف بالبيت ثمّ جاء حتّى ركع عند المقام فرفع رأسه من سجوده فاذا موضع سجوده مبتلٌّ من كثرة دموع عينيه، وكان إذا ضحك قال: أَللَّهُمَّ لاَ تُمْقِتْنِي.

دعائه عليه السلام عند إستلام الحجر
قال أبو جعفر عليه السلام: والحجر كالميثاق واستلامه كالبيعة، وكان إذا استلمه قال:" أَللَّهُمَّ أَمَانَتِي أَدَّيْتُهَا وَمِِيثَاقِي تَعَاهَدْتُهُ لِيَشْهَدَ لِي عِنْدَكَ بِالْبَلاَغ"ِ.

دعائه عليه السلام عند ركن اليماني والملتزم عن سهل بن زياد، عن الحسن بن عليّ بن النعمان، عن إبراهيم بن سنان، عن أبي مريم قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام أطوف فكان لا يمرُّ في طواف من طوافه بالرّكن اليمانيّ الاّ استلمه ثمّ يقول:" اَللَّهُمَّ تُبْ عَلَىَّ حَتّى أَتُوبُ، وَاعْصِمْنِي حَتّى لاَ أَعُودُ".

عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام أنه كان يفعل ذلك ويبعد من يكون معه من مواليه عن نفسه ويناجي الله ويسأله، ويذكر ما سأله المغفرة منه.

حبابة الوالبية قالت: رأيت رجلا بمكة أصيلا في الملتزم، أو بين الباب والحجر، على صعدة من الأرض، وقد حزم وسطه على المئزر بعمامة خزّ والغزالة تُخال على قُلل الجبال، كالعمائم على قمم الرجال، وقد صاعد كفّه وطرفه نحو السماء ويدعو، فلمّا انثال الناس عليه يستفتونه عن المعضلات ويستفتحون أبواب المشكلات، فلم يرم حتّى أفتاهم في ألف مسألة.

ثمّ نهض يريد رحله، ومناد ينادي بصوت صهل: ألا إنّ هذا النور الأبلج المسرّج، والنسيم الأرج، والحقّ المرج، وآخرون يقولون: من هذا؟ فقيل: محمد بن عليّ الباقر، علم العلم والناطق عن الفهم، محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

وفي رواية أبي بصر: ألا إنّ هذا باقر علم الرسل، وهذا مبيّن السُّبل، هذا خير من رسخ في أصلاب أصحاب السفينة، هذا ابن فاطمة الغرّاء العذراء الزهراء، هذا بقيّة الله في أرضه، هذا ناموس الدهر، هذا ابن محمّد وخديجة وعليّ وفاطمة، هذا منار الدين القائمة1.


1-حج الأنبياء والأئمة عليه السلام / معاونية شؤون التعليم والبحوث الإسلامية في الحجّ.