رجوع الى القائمة حجّ الأنبياء والائمة  

طواف آدم عليه السلام بالبيت

عن عطاء، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه واله قال في حديث: وأوحى إلى جبرئيل: أنا الله الرحمن الرحيم وانّي قد رحمت آدم وحوّاء لما شكيا إليّ، فاهبط عليهما بخيمة من خيام الجنّة، وعزّهما عنّي بفراق الجنّة، واجمع بينهما في الخيمة، فانّي قد رحمتهما لبكائهما ووحشتهما ووحدتهما، وانصب لهما الخيمة على الترعة الّتي بين جبال مكّة، قال: والترعة مكان البيت وقواعدها الّتي رفعتها الملائكة قبل ذلك، فهبط جبرئيل على آدم بالخيمة على مقدار أركان البيت وقواعده، فنصبها.

قال: وأنزل جبرئيل آدم من الصفا وأنزل حوّاء من المروة وجمع بينهما في الخيمة، قال: وكان عمود الخيمة قضيب ياقوت أحمر فأضاء نوره وضوؤه جبال مكّة وما حولها، قال: وكلّما امتدّ ضوء العمود فجعله الله حرماً فهو مواضع الحرم اليوم، كل ناحية من حيث بلغ ضوء العمود، فجعله الله حرماً لحرمة الخيمة والعمود، لأنهنّ من الجنّة.

قال: ولذلك جعل الله الحسنات في الحرم مضاعفة والسّيئات فيه مضاعفة: قال: ومدّت أطناب الخيمة حولهما فمنتهى أوتادها ما حول المسجد الحرام، قال: وكانت أوتادها من غصون الجنّة وأطنابها من ظفائر الأرجوان قال: فأوحى الله إلى جبرئيل: إهبط على الخيمة سبعين ألف ملك يحرسونهما من مردة الجنّ ويؤنسون آدم وحوّاء ويطوفون حول الخيمة تعظيماً للبيت والخيمة؛ قال: فهبطت الملائكة فكانوا بحضرة الخيمة يحرسونها من مردة الشياطين والعتاة، ويطوفون حول أركان البيت والخيمة كلّ يوم وليلة كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور، قال: وأركان البيت الحرام في الأرض حيال البيت المعمور الذي في السماء.

قال: ثمّ انّ الله أوحى إلى جبرئيل بعد ذلك أن اهبط إلى آدم وحوّاء فنحّهما عن مواضع قواعد بيتي، لأنّي أُريد أن أهبط في ظلال من ملائكتي إلى أرضي فارفع أركان بيتي لملائكتي ولخلقي من ولد آدم، قال: فهبط جبرئيل على آدم وحوّاء فأخرجهما من الخيمة نحّاهما عن ترعة البيت الحرام، ونحّى الخيمة عن موضع الترعة، قال: ووضع آدم على الصفا ووضع حوّاء على المروة ورفع الخيمة إلى السماء.

فقال آدم وحواء: يا جبرئيل أبسخط من الله حوَّلتنا وفرَّقت بيننا أم برضىً تقديراً من الله علينا؟ فقال لهما: لم يكن ذلك سخطاً من الله عليكما ولكنّ الله لا يُسأل عمّا يفعل، يا آدم إنّ السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله إلى الأرض ليؤنسوك ويطوفون حول أركان البيت والخيمة، سألوا الله أن يبني لهم مكان الخيمة بيتاً على موضع الترعة المباركة حيال البيت المعمور، فيطوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور، فأوحى الله إليَّ أن أنحّيك وحوّاء وأرفع الخيمة إلى السماء.

فقال آدم: رضينا بتقدير الله ونافذ أمره فينا، فكان آدم على الصفا وحوّاء على المروة؛ قال: فدخل آدم لفراق حوّاء وحشةٌ شديدةٌ وحزن، قال: فهبط من الصفا يريد المروة شوقاً إلى حوّاء وليسلّم عليها، وكان فيما بين الصفا والمروة وادياً، وكان آدم يرى المروة من فوق الصفا، فلمّا انتهى إلى موضع الوادي غابت عنه المروة، فسعى في الوادي حذراً لما لم ير المروة مخافة أن يكون قد ضلَّ عن طريقه، فلمّا أن جاز الوادي وارتفع عنه نظر إلى المروة فمشى حتّى انتهى إلى المروة، فصعد عليها فسلّم على حوّاء، ثمّ أقبلا بوجههما نحو موضع الترعة ينظران هل رفع قواعد البيت ويسألان الله أن يردَّهما إلى مكانهما حتّى هبط من المروة، فرجع إلى الصفا فقام عليه، وأقبل بوجهه نحو موضع الترعة فدعا الله.

ثمّ إنّه اشتاق إلى حوّاء فهبط من الصفا يريد المروة، ففعل مثل ما فعله في المرّة الأولى، ثمّ رجع إلى الصفا ففعل عليه مثل ما فعل في المرّة الأولى ثمّ إنّه هبط من الصفا إلى المروة ففعل مثل ما فعل في المرّتين الأوليين، ثمّ رجع إلى الصفا فقام عليه ودعا الله أن يجمع بينه وبين زوجته حوّاء.

قال: فكان ذهاب آدم من الصفا إلى المروة ثلاث مرّات ورجوعه ثلاث مرّات، فذلك ستّة أشواط، فلمّا أن دعيا الله وبكيا إليه وسألاه أن يجمع بينهما استجاب الله لهما من ساعتهما من يومهما ذلك مع زوال الشمس، فأتاه جبرئيل وهو على الصفا واقفٌ يدعو الله مقبلا بوجهه نحو التّرعة، فقال له جبرئيل عليه السلام : انزل يا آدم من الصفا فالحق بحوّاء، فنزل آدم من الصفا إلى المروة ففعل مثل ما فعل في الثلاث المرّات حتّى انتهى إلى المروة، فصعد عليها وأخبر حوّاء بما أخبره جبرئيل عليه السلام، ففرحا بذلك فرحاً شديداً وحمدا لله وشكراه، فلذلك جرت السنّة بالسعي بين الصفا والمروة، ولذلك قال الله: ﴿اِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا.

ثمّ إنّ جبرئيل أتاهما فأنزلهما من المروة وأخبرهما أنّ الجبار تبارك وتعالى قد هبط إلى الأرض، فرفع قواعد البيت الحرام بحجر من الصفا، وحجر من المروة، وحجر من طور سينا، وحجر من جبل السلام، وهو ظهر الكوفة، فأوحى الله إلى جبرئيل: أن ابنه وأتمّه، قال: فاقتلع جبرئيل الأحجار الأربعة بأمر الله من مواضعهنّ بجناحيه فوضعها حيث أمره الله في أركان البيت على قواعده التي قدَّرها الجبّار ونصب أعلامها، ثمّ أوحى الله إلى جبرئيل: أن أبنه وأتممه بحجارة من أبي قبيس، واجعل له بابين: باب شرقيّ وباب غربيّ.

قال: فأتمّه جبرئيل، فلمّا أن فرغ منه طافت الملائكة حوله، فلمّا نظر آدم وحوّاء إلى الملائكة يطوفون حول البيت انطلقا فطافا بالبيت سبعة أشواط، ثمّ خرجا يطلبان ما يأكلان وذلك من يومهما الذي هبط بهما فيه1.


1-حج الأنبياء والأئمة عليه السلام / معاونية شؤون التعليم والبحوث الإسلامية في الحجّ.