معالم وآثار مكة معالم وآثار مكة  

مقبرة البقيع


وتُسمَّى "البقيع الغرقد" لأنَّه كان موجوداً فيها شجر العوسج لكنَّه قُطع، وتقع في الجهة الجنوبية الشرقية للمسجد النَّبوي الشريف، وهي مقبرة من قبل الإسلام، لكنَّها بعد دخول الإسلام خُضِّصت لدفن المسلمين. انظر سورة التوبة المباركة، الآية 100.

ولمقبرة البقيع أربعة أبواب، لا يُفتح منها في هذه الأيام إلاَّ باب واحد، ولفترة وجيزة عند الصباح للزيارة، وللرجال فقط.

ولهذه المقبرة شأنٌ عظيم، فيكفيها تفرُّدها عن أيِّ بقعة في العالم، بأنَّها الوحيدة التي تضم أربعة أئمة من أهل بيت النُّبوَّة عليه السلام ، فضلاً عن بعض أولاد النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم وزوجاته وعمَّاته وحاضنته (فاطمة بنت أسد) ومرضعته (حليمة السعديَّة)، وعدد كبير من الصحابة، والتابعين بإحسان الذي رضي الله عنهم، وقرّاء وحفظة القرآن، والسادة الهاشمِّيين، وشهداء صدر الإسلام (شهداء أُحُد)....

فهي البقعة التي تضمُّ عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار، إضافة لأنسباء وأرحام النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم كما تقدَّم.

ويكفيها أيضاً ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أنَّه" يُحْشر من هذه المقبرة سبعون ألفاً يدخلون الجنَّة بغير حساب، وكأنَّ وجوههم القمر ليلة البدر".

ورُوي أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم قام في جوف اللَّيل مُتوجِّها ً إلى مقبرة البقيع لأنَّه أُمر بالاستغفار لأهلها، فلمَّا وصلها، سلَّم على أهلها، ثم استغفر لهم طويلاً.

وهي من الأماكن الأساسيَّة التي تُزار لِمَنْ قصد المدينة المنوَّرة، والروايات مستفيضة بل متواترة في أهميَّتها عن سائر المسلمين، فتُراب هذه المقبرة أختلط بأجساد الأولياء والأتقياء والتابعين وقرَّاء القرآن... وتشرَّف بأقدام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

يقول أبو العلاء المعرِّي:
صـاحِ، خفِّـفْ الـوطءَ مـا أظـنُّ                   أديـم الأرض إلاَّ مـن هـذه الأجسـاد
رُبَّ لَحْـدٍ قد صـار لحـداً مـراراً                   ضـاحكـاً من تـزاحـم الأضـداد 1.


1- معالم مكة والمدينة / السيد سامي خضرا.